د. عبدالرحمن المشاري علم من أعلام الطب في السعودية، وصُنف من قبل مركز كامبردج الدولي كأحد أبرز العاملين بالمجال الطبي في القرن العشرين. حصل من المؤتمر الخليجي الخامس للإبداع العلمي في صحة المرأة على جائزة “عمر من الإنجازات” .
وجاءت وفاة “المشاري”، بعد عصر الخميس الموافق 24 جمادى الآخرة للعام ١٤٣٧هـ إثر معاناة طويلة مع “المرض” بعد أن كرس حياته لمحاربته وإنقاذ حياة الناس منه من خلال سنوات من الكفاح مارس خلالها العديد من الأعمال وتولى مناصب هامة وساهم من خلال مسيرته بشكل مباشر في العمل على تطوير الخدمات الصحية بالمملكة العربية السعودية.
وبدأ “المشاري” كفاحه ضد “المرض” منذ أربعينيات القرن العشرين، حينما كانت المملكة العربية السعودية لا تزال مملكة وليدة لديها الحد الأدنى من البنى التحتية وعدد قليل جداً من المنشآت الصحية، حيث أصاب وباء الجدري سكان المنطقة الشرقية وأصاب المرض آلاف السكان حيث ترعرع الطفل “عبدالرحمن” بمدينة الأحساء وكان عمره لا يزيد عن خمس سنوات.
ولم تنج عائلة “المشاري” من الوباء، حيث غيب الموت أحد أفراد عائلته المقربين منه، مما جعله يكرس حياته لمحاربة المرض.
وانضم إلى مدرسة الأحساء الابتدائية ثم الإعدادية، وكان ممن يشار إليهم بالبنان وتنبأ جميع أساتذته له بمستقبل واعد.
وأكمل دراسته بمدرسة العزيزية الثانوية بمكة المكرمة، ثم اختارته الحكومة مع مجموعة من أقرانه المتميزين للابتعاث إلى جمهورية مصر العربية لدراسة الطب، وفي عام 1966م تخرج الدكتور عبدالرحمن المشاري من كلية الطب بجامعة القاهرة، ليصبح أول طبيب سعودي من المنطقة الشرقية بالمملكة.
وعمل “المشاري” لمدة خمس سنوات متتالية في عديد من مستشفيات المملكة المتحدة وأيرلندا، منها مستشفيات ذات شهرة عالمية وسمعة طبية بالمحافل الدولية كمستشفى روتندا بإيرلندا (حيث حصل على دبلوم أمراض النساء والولادة)، ومستشفى سانت جورج بولتون وبرادفورد رويال بإنجلتر.
ونال لقب (ذو الأصابع الذهبية) بين أقرانه وأساتذته لما عرف عنه من دقة وكفاءة في العمل الجراحي.
وفي عام 1972م أنهى الدكتور عبدالرحمن المشاري دراساته العليا وجميع متطلبات التدريب اللازمة ليحصل على زمالة الكلية البريطانية لأمراض النساء والولادة، وقرر العودة لأرض الوطن لإكمال مسيرته.
وحرص على تخريج وتدريب عدد جديد من الأطباء ليكونوا اللبنة الأساسية لهذا النظام، وعمل لمدة خمس سنوات متتالية (1972م – 1983م) كأستاذ مساعد بكلية الطب جامعة الرياض (جامعة الملك سعود حالياً).
وخلال عام 1980م، تولى الدكتور عبدالرحمن المشاري وظيفة نائب مدير مستشفى الملك خالد الجامعي ورئيساً لقسم أمراض النساء والتوليد، واقترح ضرورة التوسع في مباني الجامعة الحالية لإتاحة الفرصة لتخريج عدد أكبر من الأطباء وتطوير الجامعة لتواكب التقدم العالمي.
وتم تكليف الدكتور عبدالرحمن المشاري بأن يكون مديراً لمشروع توسعة وتطوير كلية الطب والمستشفى الجامعي بجامعة الملك سعود، حيث أشرف شخصياَ على إعداد التصميمات وتنفيذها.
وشغل الدكتور عبدالرحمن المشاري في الفترة من (1972م – 1987م) العديد من المناصب والمهام التعليمية والطبية في مواقع حكومية عدة وكان هدفه الدائم تخريج أجيال جديدة من الأطباء السعوديين قادرين على تحمل مسئولية النهضة الحديثة.
وشغل منصب رئيس قسم النساء والولادة بمستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي بالرياض، وأستاذ واستشاري أمراض النساء والولادة بمستشفى الشميسي بالرياض، واستشاري أمراض النساء والولادة بمستشفى قوى الأمن بالرياض
وفي المرحلة التالية من حياته، قرر “المشاري” بناء مستشفى على أحدث ما توصل إليه العلم الحديث ليضاهي به المستشفيات العالمية.
وفي عام (1987م) وفي ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين الذي كان أميراً لمنطقة الرياض في ذلك الوقت، انطلق مستشفى الدكتور عبدالرحمن المشاري، كأول مستشفى متخصص للنساء والولادة والأطفال بمدينة الرياض، ثم تمت توسيع خدماته لاحقاً لتشمل جميع التخصصات الطبية.
ونال “المشاري” العديد من الشهادات التقديرية وعضويات الجمعيات الدولية، واختير في العام (1995م) كأحد أبرز العاملين بالمجال الطبي في القرن العشرين من قبل مركز كامبريدج الدولي لسير الأعلام.
وحصل على جائزة (عمر من الإنجازات) من قبل المؤتمر الخليجي الخامس للإبداع العلمي في صحة المرأة برعاية منظمة الصحية العالمية والرابطة العربية لأمراض النساء والولادة والكلية الملكية البريطانية لأمراض النساء والولادة.
وتسلم الجائزة محافظ منطقة جدة الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز آل سعود.