الدكتورة سارة العبدالكريم
“شمعة أضيئت وسط الظلام فتمسكت بها”
من منا لم يسمع بقساوة أيام السبعينات وتعطش أبناؤها للرخاء والترفيه؟
لم تكن الرياض إلا هضبة جدباء تتلهف لقطرة ندى عابرة
هذا المناخ أنشأ جيل يتميز بالشدة وتحمل الشدائد
وبينما كانوا أطفال الرياض يلعبون تحت أشعة الشمس الحارقه
كانت الطفلة سارة تتسلق الأشجار لتقطف منها زهورا عطرة في إحدى الدول الغربية
فقد أحيطت بكلمات تحفيزية كلما انتهت من قراءة القصص الإنجليزية
بينما كانوا أبناء جلدتها لايسمعون غير توبيخ معلمي السبيعات
قدر الله وعادت سارة لأرض الوطن تحمل في جعبتها قصصها وحكاياتها الإنجليزية
حتى التحقت بإحدى المدارس في الرياض فتحولت حياتها من غربية إلى عربية والفرق ليس فقط نقطة على العين
لم تكن فاشلة في المدرسة بل كانت أفشل الطالبات وانضمت لقائمة التوبيخ التعليمي بل كانت أشدهم تناولا لجرعات التوبيخ والإحباط حتى انطفأ بريق هذه الطفلة وذبلت زهرتها خصوصا بعد رسوبها في جميع المواد
ولكن الذهب لا ينطفئ بريقه مهما حبس في مناجمه
في الفصل الثاني من السنة الدراسيةعينت معلمة جديدة في نفس المدرسة وأقول معلمة بكل ماتعنيه هذه الكلمة فقد وصفتها الدكتورة سارة “بالمعلمة الملائكية”
فاعتبرتها بمثابة العكاز تتسند عليه لتقوم بعد كل وقعةوعثرة لتنفض غبار الفشل وتخفي أثره بمعطف الأمل
وأخيرا نجحت في فصلها الثاني بمادة التربية الفنية فقط
وكانت هذه المادة الوحيدة التي اجتازتها كالشمعة التي أنارت وسط الظلام
تمسكت بشمعتها الصغيرة وحاربت بها جميع المصاعب حتى جعلت منها سلما للنجاح فلم ترضى سارة إلا بالمرتبة الأولى في جميع مراحلها الدراسية
وحينما وصلت أعلى عتبة في السلم استقبلتها كلية التربية في جامعة الملك سعود
فتخرجت منها عام 1991م بشهادة بكالوريوس رياض أطفال بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى وكان تخصصها الدقيق هو النمو اللغوي للطفل في مرحلة الطفولة المبكرة
كبرت شمعتها لتصبح شمسا تغزو أشعتها طبقات العلم وتحلق بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية فتهبط في جامعة كلمسون لتنال مرتبة الإمتياز في ماجستير تعليم إبتدائي عام 1996م
عادت سارة إلى أرض الوطن عام 2003م يسبق اسمها حرف الدال وفي حقيبتها شهادة الدكتوراه في مناهج وطرق التدريس في رياض الأطفال
فانتهت مسيرتها العلمية بتقدير امتياز بعدما بدأتها بتقدير مقبول في أول سنة دراسية لها
والآن الدكتورة سارة أستاذ مساعد في جامعة الملك سعود في كلية التربية قسم رياض أطفال
كرمت الدكتورة سارة بقلب المرأة الناجحة لمؤسسة أصداف في نوفمبر 2010م
فازت بالمركز الأول لجائزة الملك خالد في مؤسسة الملك خالد الخيرية