إن اقتنيته.. قد تُسعدُ يتيما.. وربما تعالج مريضا.. أو تكسو مسكينا”.. هذه هي الرسالة المبسطة لكتاب “رَشْق.. الحُلم الأدبي”، الذي يعتبر أول وقف أدبي سعودي، اجتمعت فيه حروف 27 أديباً وأديبة، لتشكل كتاباً يحتضن نصوصاً متنوعة، يعود ريعه كاملاً للأعمال الخيرية، لتؤكد مقولة: (للأدب يد عليا في فعل الخير).
الكاتبة حنان القعود أطلعت “الاقتصادية” على قصة هذا العمل، الذي يعد باكورة أعمال مجموعة إيقاع الأدبية، فـ “إيقاع” هي مؤسسة أدبية، وضعت الكاتبة لبناتها الأولى يداً بيد مع الكاتبة شهد النجيم، وتأمل أن يكون لها مستقبل مشرق في عالم الأدب والثقافة.
مهمة ليست بالسهلة
بالتأكيد، فإن جمع إنتاج أدبي مميز قوامه 27 من الأدباء والأديبات الشباب ليس بالمهمة السهلة، لكن المهمة قد تكون أسهل إن سعى خلفها فريق مبادر، متماسك، له أهداف واضحة المعالم.
رئيسة ومؤسسة مجموعة إيقاع الأدبية حنان القعود وصفت هدف المجموعة الأسمى بأنه الارتقاء باللغة العربية، عبر إقامة الدورات والورش التدريبية في الكتابة، فضلاً عن عنايتها بنشر الثقافة، أما معالم المجموعة فقد غدت- وفقاً للقعود- تتضح شيئاً فشيئاً، بيد أن كتاب “رشق” كان البذرة الأولى لأعمالها.
يعد “رشق” مزيجاً متجانساً من النصوص الأدبية، التي تتراوح في طولها ما بين المتوسطة والطويلة، تقع في 167 صفحة وخمسة فصول، كل فصلٍ يحمل فكرة معينة، راوحت بين رسائل للوالدين والأبناء، ما جاء في الغياب، نصوص غزلية، نصوص عتاب، زواجل حرة.
وحول هذا المزيج، تقول حنان إن الكاتب كان حراً فيما يكتب، غير مقيد على الإطلاق، فهم يمتلكون خبرة في هذا المجال، خاصة أن قائمة أسماء المشاركين تضم أدباء سبق أن نشروا إصداراتهم الأدبية، ونالوا قسطاً من الشهرة، وآخرين باعوا عدة طبعات من كتبهم، فيما لم يخلُ الأمر من مشاركات لمؤلفين شباب، كان كتاب “رشق” هو خطوتهم الأولى في عالم النشر.
أشهر من التحضير
يبدو أن الكتاب يحمل من اسمه نصيبا، فـ “الحُلم الأدبي” كان حلماً في بداياته، مر بمخاض عسير، حتى غدا واقعاً معاشاً.
فثمانية أشهر مرت بين جمع النصوص، وتنقيحها، مروراً بمراحل الفسح من قبل وزارة الثقافة والإعلام، والإجراءات القانونية، ولا تنتهي الرحلة عند الإخراج والطباعة.
وبين هذا وذاك، أدت عقبتان اثنتان إلى تأخير خروج هذا الإصدار المتميز إلى النور، الأولى حينما طلبت وزارة الثقافة والإعلام موافقة خطية من كل كاتب، ما أدى إلى انسحاب بعض المشاركين الذين كانوا يشاركون بأسماء مستعارة.
أما العقبة الثانية؛ حينما حُذِف فصل بأكمله، الفصل السادس، بعد أن خصص لنصوص كاتبة، لم يمهلها مرض السرطان طويلاً، حتى توفيت- يرحمها الله- دون أن ترى نصوصها قد نُشرت.
وحول ذلك، تقول القعود “كنا نود أن تبقى نصوصها قنديلاً مضاءً وصدقة جارية لها- يرحمها الله- لكن مع الأسف، حالت الظروف وعدم قدرتنا على التواصل مع الوصي القانوني دون ذلك، فلم نستطع استخراج فسح لنصوصها؛ وحذفناها رغما عنا”.
بدافع الخير أم لجودة المحتوى
لقي “رشق” رواجاً ممتازاً، فالكتاب الذي صدر حديثاً- منذ نحو أربعة أشهر- شارك في معرض الرياض الدولي للكتاب في آذار (مارس) الماضي، وتكاد طبعته الأولى أن تنفذ.
وحول ذلك سألنا القعود: هل كان الإقبال بدافع الخير أم لجودة محتواه؟
فأجابت “أتمنى أن يكون للاثنين، وبفضل الله من خلال التعليقات التي وصلتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمسنا استحسان القارئ حيال ما قرأه من نصوص”.
وفي الصدد ذاته، وفيما يتعلق بعملية الطباعة واستلام الريع وإنفاقه، تقول مؤسِسة مجموعة إيقاع الأدبية الكاتبة حنان القعود إن الطباعة كانت على نفقتها الخاصة، أما الربح فهو خيري، أي سيتم استرداد سعر التكلفة فقط، أما الريع فمعظمه لم يتم تسلمه بعد؛ كون نظام معظم المكتبات هو تسليم الريع بعد بيع كل النسخ، وعند تسلم أرباح الكتاب ستسلم إلى جمعيات خيرية معتمدة، وسيتم توثيق ذلك بالصور في حسابات مجموعة إيقاع الأدبية على “تويتر” و”انستاجرام”.
ورش تدريبية احترافية
تسعى مجموعة إيقاع الأدبية لأن يكون لها “إيقاع”، وهو ما لمسناه في حديث القعود، حين أفصحت أن المجموعة بصدد الإعلان عن ورش تدريبية احترافية في الكتابة، ومزيد من المشاريع التي ستعلن في حينها.
أما التجربة في مجملها كما تراها حنان القعود فهي “تجربة كان الغرض الأول منها أن تتوحد أحرف الكُتاب في كتاب يهدف لدعم أعمال الخير.. وهي تجربة جميلة أحمد الله أن وفقني لها وزملائي”.
وأضافت صاحبة كتاب “صه.. مع خالص عتبي” أن مشهد حركة التأليف الشبابية في السعودية جميل ومبشر بالخير، حيث تتمنى أن يكون هذا الحراك الأدبي الكبير القائم الآن في مصلحة الأدب، وأن يحرص زملاؤها على الانتقاء والنوعية وتقديم ما يكون مفخرة لهذا الجيل، وقدمت جزيل الشكر والتقدير لكل من تعاون وشارك في كتاب “رشق”.
المصدر : الاقثصادية