تتوالى انجازات الطلاب السعوديين المبتعثين في الخارج لتدخل مجال البرمجيات وتعقيداتها، ومن خلال الحاجة الى وجود ضمانات بين العملاء من مستخدمي الانترنت في تعاملاتهم التجارية مع مزودي الخدمة وجد المبتعث السعودي احمد الغامدي طريقه. ولكون التعاملات اصبحت إلكترونية متخطية الحدود الجغرافية بين الدول بالنظر الى آلية معالجة هذه العمليات المعقدة نجد ان التخاطب يتم بين آلة تمثل مزود الخدمة وأخرى تمثل العميل ولديها القدرة برمجياً على اتخاذ قرارات مهمة وفق استراتيجيات مبرمجة دون الحاجة الى تدخل العنصر البشري. وفي هذا الاتجاه سعى المبتعث السعودي احمد بن مسفر الغامدي من جامعة ليستر البريطانية، الى ايجاد حلول علمية للمشكلات التي تواجه مستخدمي الحاسب الآلي في مختلف التعاملات الالكترونية من خلال أطروحة الدكتوراه التي هو بصدد إنهائها. والتي حظيت بإشادة غير مسبوقة من قبل الكثير من الجامعات والشركات حول العالم.
وذكر الغامدي ان فكرة البحث تدور حول العقود الالكترونية بين مزود الخدمة والمستفيد منها، بحيث بعد ان يتم الاتفاق بين الطرفين ويصار الى الاتفاق النهائي يصمم ويبرمج هذا الاتفاق الكترونياً لتحكم العلاقة بين الطرفين آلياً.
والجديد في هذا البحث هو ان معظم الدراسات والتطبيقات السابقة خلطت بين الجوانب التقنية والجوانب الإدارية البحتة. فعلى سبيل المثال في حال الاستجابة للطلب، توقف النظام عن العمل جانب تقني بحت يمكن قياسه من خلال استخدامه نظام آلي يقوم بكشف هذا الخلل والمدة التي استغرقته حتى تم اصلاحه. في حين أن تعهدات مزود الخدمة مثل اعطاء سعر خاص للمستفيد والوقت الذي استغرقها حتى تم اصلاحه. المطلوبة وكذلك طريقة الدفع من قبل المستفيد ومبلغ الشراء خلال مدة معينة وسمعة مزود الخدمة والمستفيد منها والعقوبات التي تطال مزود الخدمة عند عدم ايفائه بتعهداته تعد جوانب ادارية يجب ان تدار من خلال انظمة إلكترونية قادرة على المواكبة والمواءمة لما يستجد، وهذا ما حققته دراسة الغامدي الذي يقول “قمت بفصل الجانبين مؤقتاً في مرحلة التصميم ومن ثم تحقيق مبدأ التكامل في مرحلة التنفيذ من خلال تطوير تقنيات برمجية ساعدت بكفاءة في هذه العملية”. ويضيف “ان البرمجيات السابقة عانت من عدم المرونة والبطء في الاستجابة وكثرة التوقف عن العمل اضافة الى ارتفاع تكاليف الإصلاح والصيانة ناهيك عن عدم قابليتها للتحديث بما يواكب ما يستجد من تقنيات او شروط في حالة رغبة احد الطرفين اضافة خدمة الكترونية جديدة او تعديل كل او بعض بنود الاتفاق. ومن ابسط الأمثلة للتدليل على ذلك احد مواقع الشراء اذ يقوم التاجر بعرض سلعته للبيع متجاوزاً جميع الحدود الجغرافية ليصل الى جميع مستخدمي الانترنت في العالم ويقوم المشتري بإتمام عملية الشراء في اقل من خمس دقائق دون ان يغادر مكانه معتمداً على سمعة الموقع الالكتروني وكفاءته وما يوفره من خدمات تكفل له حقوقه في حال فشل العملية لأي سبب من الأسباب”. وفي سبيل حل تلك المشكلات قام المبتعث الغامدي بإعداد نموذج يعتمد على بناء الثقة بين الطرفين من خلال قياس العمليات السابقة ومدى جودتها ومقدار ايفاء كل طرف بما تعهد به. ويراعي الغامدي عامل الوقت موضحاً ان “اسعار الخدمة تختلف في ايام العطل والأعياد عنها في الأيام العادية وكذلك ساعات العمل اذ يتم من خلال هذا النموذج ادارة التعاملات الالكترونية آليا دون الحاجة للتدخل البشري”.
ونظرا لحداثة التعاملات الالكترونية في السعودية فان هذه الدراسة تعد فريدة من نوعها ليس على مستوى المملكة فحسب بل على المستوى العالمي نظرا للانتشار الواسع للخدمات الالكترونية مما ضاعف من الحاجة الى وجود نظام عقود الكترونية يعزز الثقة ويحقق المرونة ويقلل التكلفة.
وعن مدى امكانية تطبيق هذا النموذج في المملكة يقول “من خلال متابعتي الدقيقة للجهود التي تبذل في المملكة لتطبيق الحكومة الالكترونية وجدت ان هناك كوكبة من أبناء الوطن يسعون جاهدين لاستخدام احدث التقنيات الالكترونية وهذا ما يجعل تطبيق هذا العمل امر يسير ولا يوجد اي صعوبة في تطبيق هذه الدراسة وغيرها من الدراسات المماثلة، في شتى جوانب الحياة ولا يقتصر الأمر فقط على الجوانب التجارية فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن استخدامه في المستشفيات للوقوف على حالة المريض دون الحاجة للانتقال الى غرفته او منزله وأيضاً في التعليم وكذلك مراقبة الحدود وغيرها من التعاملات التي تحتاج الى ادارة الكترونية بناءً على قواعد وقوانين واضحة”.
وعن ما اذا تم تجربة هذا المشروع على ارض الواقع ذكر انه “في جامعة ليستر شركة عالمية تدعى ATX المتخصصة في مجال البرمجيات تعاقدت معها الجامعة للمشاركة في تطوير الجانب العملي للطلبة وتبني مشاريعهم وهي تعمل الان في مشروع ضخم للاتحاد الأوروبي، وقد قام المشرف على دراسته وهو عميد كلية الحاسب الآلي بالجامعة بدعوتهم وقام بعرض المشروع عليه وقد لاقى استحسانهم وقدموا بعض النصائح حول تطويره وقد قام بالتعديل عليه وعرضه عليهم فأبدوا سعادتهم به اذ يعد جزءا من المشروع الذي يعملون عليه. وقد تم نشر ورقة عملية عن هذا المشروع بدعمهم ATX في احد المؤثرات العالمية المتخصصة في مجال هندسة البرمجيات وأرغب انشاء الله في استمرار التعاون معهم في المستقبل”. يضاف الى ذلك ان قسم التطوير الإداري بالجامعة ومن خلال احد العاملين به قابلة وأبدى استعداد الجامعة لدعم هذا المشروع في حال موافقته وقد اعتذر نظرا لانشغاله بكتابة البحث – كما يقول الغامدي -.
ويضيف “ان هناك مجموعة متخصصة من الباحثين الألمان تم الاتصال بهم وتم تطبيق المشروع في بيئة عمل خاصة بهم وقد ابدوا اعجابهم وقد زار الجامعة مدير المشروع لغرض الاطلاع عليه وقد تم مناقشته معه واعداد عرض عنه لجميع اعضاء هيئة التدريس بكلية الحاسب الآلي بمشاركته وتم نشر ورقة عمل في احدى المجلات العلمية المتخصصة في مجال تقنية البرمجيات”. وعن طموحه بعد العودة الى ارض الوطن قال انه من خلال وجوده في بريطانيا استفاد من الكثير من العلوم والمعارف التي يرغب في نقلها الى الوطن لكي يراها واقع ينعم به وطننا الغالي وسيقوم بتطبيق كل ما درس وتعلم على ارض الواقع إن شاء الله عند العودة “لاسيما ان الحاجة قائمة لمثل هذه الأفكار والرؤى التي لم تطبق حتى الآن في اي بقعة من المعمورة سيسعى لأن يخص الوطن بالتفرد بها إن شاء الله”. من جانبه اشاد المشرف على دراسة المبتعث البروفيسور جوزيه فيادرو عميد كلية الحاسب الآلي في (جامعة ليستر) بجهود المبتعث وقدراته العلمية وبما تضمنه البحث من جديد في مجال التقنية الالكترونية.
كما اشاد البروفيسور بأهمية البحث كونه يعد اسهاما علميا غير مسبوق في مجال الحاسب الآلي .
( تقرير تركي الناصر – صحيفة الرياض )